فصل: في ارتداد المدبر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في مدبر وعبد كوتبا كتابة واحدة ثم مات السيد

قلت أرأيت مدبرا لي وعبدا كاتبتهما كتابة واحدة ثم مت قال بعض الكتابة يوم كاتبتهما على ما وصفت لك من قوتهما على الأداء فيكون على المدبر حصته من ذلك‏.‏

ثم ينظر إلى ثلث الميت فإن حمله الثلث عتق ويسعى المكاتب الآخر في حصته من الكتابة‏.‏

قال سحنون وقال غيره لا تجوز كتابتهما لأنها تؤول إلى خطر‏.‏

ألا ترى أن الكتابة إذا كانت منعقدة عليهما لم يجز له أن يعتق أحدهما‏.‏

لأنه إذا أعتق أحدهما كان في ذلك رق لصاحبه لأن بعضهم حملاء عن بعض وإن رضي بذلك صاحبه لم يجز لأنه لا يجوز له أن يرق نفسه‏.‏

قلت أرأيت إن لم يحمل الثلث المدبر قال يعتق منه مبلغ الثلث ويوضع عنه من الكتابة بقدر ذلك ويسعيان جميعا فيما بقي من الكتابة‏.‏

قلت ويسعى هذا المدبر مع هذا الذي لم يدبر في جميع ما بقي من الكتابة‏؟‏ قال نعم ولا تعتق بقيته التي يسعى فيها إلا بصاحبه ولا صاحبه إلا به عند مالك‏.‏

قلت ويرجع عليه هذا المدبر بما يؤدى عنه‏؟‏ قال نعم إلا أن يكون بينهما رحم يعتق بها بعضهم على بعض إذا ملكه‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي‏.‏

قلت أرأيت إذا كاتب الرجل عبده ومدبره كتابة واحدة قال ذلك جائز فإن هلك السيد وكان له مال يخرج المدبر من الثلث عتيقا عتق ويوضع عن صاحبه حصة المدبر من الكتابة ويسعى العبد المكاتب فيما بقي من الكتابة‏.‏

قلت ولا يلزم هذا المدبر أن يسعى مع هذا الآخر فيما بقي‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت لم وأنت تقول لو أن السيد كاتب عبدين له كتابة واحدة فأعتق السيد أحدهما وهو قوي على السعاية أن عتقه غير جائز إلا أن يسلم صاحبه العتق ويرضى بذلك قال لأن المدبر لم يعتقه السيد بأمر يبتدئه بعد الكتابة إنما أعتق على السيد لأمر لزم السيد قبل الكتابة فلا بد من أن يعتق على السيد على ما أحب صاحبه أو كره وتوضع عن صاحبه حصة المدبر من الكتابة وتسقط عنه حصة المدبر من الكتابة‏.‏

قلت فلم لا يسعى المدبر مع صاحبه وإن خرج حرا أليس هو ضامنا لما على صاحبه من حصة صاحبه من الكتابة وصاحبه أيضا كان ضامنا لما على المدبر من حصته من الكتابة فلم لا يلزمه السعاية بالضمان قال لأن صاحبه قد علم حين دخل معه في الكتابة أنه معتق بموت السيد فلا يجوز أن يضمن حر كتابة مكاتب لسيده لأن السيد لم يعتقه لأمر يبتدئه بعد الكتابة إنما أعتق على السيد بأمر لزمه على ما أحب صاحبه أو كره فلا ينبغي أن يضمن حر كتابة المكاتب وإن لم يخرج المدبر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث وسقط عنه من الكتابة بقدر ذلك وسعى هو وصاحبه في بقية الكتابة لأنه لا عتق لواحد منهما إلا بصاحبه فأيهما أدى منهما رجع على صاحبه بما يصيبه مما أدى عنه وإنما يسعى من المدبر ما بقي فيه من الرق‏.‏

قال سحنون وقالأشهب لا يجوز أن يعقد كتابة عبدين له أحدهما مدبر والآخر غير مدبر لأنه غرر‏.‏

قلت لابن القاسم فلو أن مكاتبين في كتابة واحدة دبر السيد أحدهما بعد الكتابة ثم مات السيد وثلثه يحمل العبد المدبر قال إن كان هذا المدبر قويا على الأداء يوم مات السيد فلا يعتق بموت السيد إلا أن يرضى أصحابه الذين معه في الكتابة بذلك فإن رضي أصحابه كانوا بحال ما وصفت لك في العتق وإن كان يوم مات السيد المدبر زمنا وقد كان صحيحا فإنه يعتق ولا يكون للذين معه في الكتابة ها هنا قول ولا يوضع عنهم حصة هذا المدبر من الكتابة لأن مالكا قال في الزمن يكون مع القوم في الكتابة فيعتقه سيده أنه لا يوضع عنهم بذلك شيء وكل من أعتق من صغير أو كبير زمن فإنه عتيق إن شاؤوا وإن أبوا لا يوضع عنهم من الكتابة شيء وكل من عتق ممن له قوة فلا عتق لهم إلا برضاهم فذلك الذي يوضع عنهم قدر ما يصيبه من الكتابة ويسعون فيما بقي‏.‏

في وطء المدبرة بين الرجلين

قلت أرأيت مدبرة بين رجلين وطئها أحدهما فحملت منه قال قال مالك تقوم على الذي حملت منه وينفسخ التدبير قال وإنما ينظر في هذا إلى ما هو أوكد فيلزم ذلك سيدها وأم الولد أوكد من التدبير وكذلك قال لي مالك قال سحنونوكذلك يقول لي جميع الرواة مثل ما قول مالك وقال غيره وإن كان الواطئ معسرا فالشريك بالخيار إن شاء ضمنه نصف قيمتها وكانت أم ولد للواطئ وإن أبى وتمسك بنصيبه كان ذلك له واتبع الواطئ بنصف قيمة الولد يوم تلده أمه قال سحنون فإن أفاد الواطئ مالا لم يلزمه ضمان نصيب صاحبه لأنه قد سقط عنه التقويم إذا كان لا مال له ولا يلزم الشريك قيمة نصيبه وتمسك بنصيبه ويتبع الواطىء بنصف قيمة الولد وإن مات الواطئ ولا شيء عنده بقي نصيب المتمسك بالرق مدبرا كما هو وكان نصيب الميت حرا من رأس المال لأنه بمنزلة أم الولد وإن مات الذي لم يطأ وقد كان يتشبث بنصيبه وترك أن يضمنها شريكه وليس له مال وعليه دين يرد التدبير فبيعت في الدين فإن اشتراها الشريك الذي كان وطىء ليسر حدث له حل له وطؤها فإن مات فنصفها حر بمنزلة أم الولد والنصف الذي اشترى رقيق للورثة‏.‏

ألا ترى أن الرجل يعتق مصابته من عبده ولا شيء عنده فلا يقوم عليه لعسره ويبقى نصيب صاحبه رقيقا ثم يحدث للمعتق المعسر مال فيشتري النصف الرقيق إنه رقيق كما هو ولا يعتق عليه فكذلك المسألة الأولى‏.‏

في الأمة يدبر سيدها ما في بطنها أله أن يبيعها أو يرهنها

قلت أرأيت الأمة إن دبر رجل ما في بطن أمته أله أن يبيعها في قول مالك أو يرهنها قال هو كقوله ما في بطنك حر‏.‏

قلت أفيكون له أن يرهنها في قول مالك‏؟‏ قال نعم لأن المدبرة عند مالك ترهن‏.‏

في ارتداد المدبر

قلت أرأيت العبد إذا دبره سيده ثم ارتد العبد ولحق بدار الحرب فظفر المسلمون به ما يصنع به في قول مالك قال يستتاب فإن تاب وإلا قتل‏.‏

قلت فإن تاب أيباع في المقاسم‏؟‏ قال لا ويرد إلى سيده عند مالك ولا يباع في المقاسم إذا عرفوا سيده أو علموه إنه لأحد من المسلمين بعينه‏.‏

قلت فإن لم يعلموا حتى اقتسموا كيف يصنع في قول مالك وقد جاء سيده بعد ما قسم قال يخير سيده فإن افتكه كان على تدبيره وإن أبى أن يفتكه خدم العبد في الثمن الذي اشترى به في المقاسم فإذا استوفى ثمنه المشتري وسيده حي رجع إلى سيده على تدبيره وإن هلك السيد قبل ذلك فكان الثلث يحمله خرج حرا واتبع بما بقي من الثمن وإن لم يحمله الثلث أعتق منه بقدر ما حمل الثلث وكان ما بقي منه رقيقا لمن اشتراه لأن السيد قد كان أسلمه إليه وليس للورثة فيه شيء وقال غيره إن حمله الثلث عتق ولم يتبع بشيء وإن لم يحمله الثلث فما حمل منه الثلث يعتق ولم يتبع العتيق منه بشيء وكان ما بقي منه رقيقا لمن اشتراه لأنه قد كان اشترى عظم رقبته وإن لحق السيد دين أبطل الثلث حتى يرد عتقه كان مملوكا لمن اشتراه وليس ما اشتريت به رقبته كجنايته التي هو فعلها فما أعتق منه اتبع بما يقع عليه من الجناية لأنه فعل نفسه وجنايته‏.‏

في مدبر الذمي يسلم

قلت أرأيت لو أن نصرانيا اشترى مسلما فدبره ما يصنع به قال أما الذي سمعت من مالك في النصراني يدبر العبد النصراني ثم يسلم العبد فإنه يؤاجر فأنا أرى هذا يشبهه وهو مثله عندي ومما يدلك على ذلك أن لو قال له أنت حر إلى سنة مضى ذلك عليه وأوجر له ولم يكن إلى رد العتق سبيل‏.‏

قلت أرأيت إن أسلم مدبر النصراني قال يؤاجر فيعطى إجارته حتى يموت النصراني فإن مات النصراني وله مال يخرج المدبر من ثلثه عتق المدبر وكان ولاؤه لجميع المسلمين وإن لم يترك النصراني وفاء عتق منه ما عتق وبيع منه ما بقي من المسلمين‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن القاسم فإن أسلم النصراني قبل أن يموت رجع إليه عبده وكان له ولاؤه فإن أسلم بعض ولد النصراني أو أخ له ممن يجر ولاء مواليه ويرثه كان ولاء المدبر له يرثه دون جماعة المسلمين‏.‏

قلت أرأيت أذا أسلم العبد ثم دبره مولاه النصراني قال أرى أن يعمل فيه مثل ما يعمل بالذي دبر وهو نصراني يؤاجر لأنا إن بعناه كان الذي يعجل النصراني من هذا العبد منفعة له ومضرة على العبد ولأن العبد إن أخطأه العتق يوما كان أمره إلى البيع فلا يعجل له البيع لعله يعتق يوما ما وليس للنصراني فيه أمر يملكه إذا أجرناه من غيره إلا الغلة التي يأخذها إلا أن ولاء هذا أيضا إن عتق للمسلمين لا يرجع إلى النصراني وإن أسلم ولا إلى أولاد له مسلمين وقد ثبت ولاؤه للمسلمين‏.‏

قال سحنون وقال بعض الرواة لا يجوز اشتراء النصراني مسلما لأني لو أجزت شراءه ما بعته عليه ولكن لما لم يجز له ملكه ابتداء لم يجز له شراؤه ‏(‏وقد قال‏)‏ بعض الرواة وإذا أسلم عبده ثم دبره فإنه يكون حرا لأنه إذا أسلم العبد بيع على سيده فلما منع نفسه بالتدبير الذي هو له من البيع والمدبر لا يباع عتق عليه‏.‏

في مدبر المرتد

قلت أرأيت الرجل يدبر عبده ثم يرتد السيد ويلحق بدار الحرب أيعتق مدبره أم لا‏؟‏ قال سمعت مالكا يقول في الأسير يتنصر أن ماله موقوف إلى أن يموت فكذلك مسألتك مدبر المرتد موقوف ولا يعتق إلا بعد موته‏.‏

قلت أرأيت المرتد إذا ارتد وله عبيد قد دبرهم ولحق بدار الحرب قال قال مالك ماله موقوف فرقيقه بمنزلة ماله عندي‏.‏

في الدعوى في التدبير

قلت أرأيت إن ادعى العبد على السيد أنه دبره أو كاتبه وأنكر المولى ذلك أتستحلفه للعبد في قول مالك‏؟‏ قال لا يستحلف وهذا من وجه العتق فإذا أقام شاهدا واحدا أحلف له السيد فإن نكل عن اليمين حبس حتى يحلف‏.‏

في المعتق إلى أجل أيكون من رأس المال

قلت أرأيت إن قال لعبده أنت حر بعد موت فلان أيكون هذا مدبرا أم لا‏؟‏ في قول مالك قال ليس هذا تدبيرا عند مالك ولكن هذا معتق إلى أجل وهذا أحرى إذا مات فلان أن يعتق من جميع المال ولا يكون من الثلث‏.‏

قلت وسواء إن مات السيد قبل فلان فالعبد حر إذا مات فلان من جميع المال يخدم الورثة بقية حياة فلان ثم هو حر‏؟‏ قال نعم إذا كان هذا القول أصله في صحة سيده فإن كان هذا القول من سيده في مرضه كان العبد في ثلثه فإن حمله الثلث خدم الورثة بقية حياة فلان ثم هو حر بعد موت فلان وإن لم يحمله الثلث قيل للورثة أما أمضيتم ما قال الميت وأما أعتقتم ما حمل الثلث الساعة‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم قال وقال مالك كل من حاد في وصيته على ثلثه فأبت الورثة أن يجيزوا وصيته فإنه يقال لهم أسلموا ثلث مال الميت إلى أهل الوصايا وأنفذوا ما قال الميت‏.‏

قلت أرأيت إن قال أنت حربعد موت فلان بشهر أيعتق من جميع المال أم من الثلث قال هذا أجل من الآجال قد أعتق عبده إلى ذلك الأجل فهو حر إلى ذلك الأجل من جميع المال بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت أرأيت إن قال لعبده أنت حر إذا خدمتني سنة فخدم العبد بعض السنة ثم مات السيد قال يخدم الورثة بقية السنة في قول مالك‏.‏

قلت فإن لم يمت السيد ولكنه وضع عنه الخدمة قال فهو حر مكانه مثل المكاتب إذا وضع عنه سيده كتابته‏.‏

قلت رأيت إن قال لعبده اخدم ابني هذا سنة ثم أنت حر أو قال اخدم فلانا سنة ثم أنت حر فمات فلان أو مات ابنه قبل تمام السنة قال قال مالك إذا قال الرجل لعبده اخدم فلانا سنة ثم أنت حر فمات الذي جعل له خدمة العبد قال مالك يخدم ورثة الذي جعل له الخدمة بقية السنة ثم هو حر وأما الابن فإن مالكا قال لي ينظر في ذلك فإن كان إنما أراد به وجه الحضانة لولده والكفالة له فإن العبد حر حين يموت ابنه وإن كان إنما أراد به وجه الخدمة خدم ورثة الابن إلى الأجل الذي جعل له ثم هو حر ولم يقل لي مالك في الأجنبيين مثل ما قال لي في الابن والبنت وكذلك لو قال اخدم أخي هذا سنة ثم أنت حر أو بن فلان سنة ثم أنت حر أو ابنة فلان سنة ثم أنت حر قال هذا كله ينظر فيه فإن كان إنما أراد به وجه الحضانة والكفالة فإنه حر حين يموت المخدم وإن كان أراد به وجه الخدمة فإن العبد يخدم ورثة المخدم بقية السنة ثم هو حر‏.‏

قلت أرأيت إن قال لعبده أنت حر على أن تخدمني سنة‏.‏

قال ينظر في ذلك في قول مالك فإن كان إنما عجل عتقه وشرط عليه الخدمة فالخدمة ساقطة عن العبد وهو حر وإن كان إنما أراد أن يجعل عتقه بعد الخدمة فهو كما جعل ولا يكون حرا حتى يخدم‏.‏

قال ولقد سألت مالكا عن الرجل يقول لعبده أنت حر بعد سنة فيأبق فيها أتراه حرا‏؟‏ قال نعم وإنما هو عندي بمنزلة ما لو قال له اخدمني سنة ثم أنت حر فمرض فيها ثم صح عند انقضاء السنة فإنه حر ولا خدمة عليه‏.‏

قلت وسواء إن قال اخدمني سنة وأنت حر فمرض سنة من أول ما قال أو قال له اخدمني هذه السنة لسنة سماها أهو سواء عند مالك‏؟‏ قال نعم وإنما سألت مالكا عن سنة ليست بعينها قال ومما يبين لك ذلك أن الرجل إذا أكرى دابته أو داره أو غلامه فقال أكريكها سنة أنه من أول ما يقع الكراء تلك السنة من أول يوم يقع الكراء ولو قال هذه السنة بعينها كان كذلك أيض‏.‏

كتاب أمهات الأولاد

في الرجل يقر بوطء أمته فتأتي بولد أيلزمه أم لا‏؟‏

أخبرناسحنون بن سعيد قال قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن أقر رجل بوطء أمته فجاءت بولد أيلزمه ذلك الولد أم لا‏؟‏ في قول مالك قال قال مالك نعم يلزمه الولد إلا أن يدعي استبراء يقول قدحاضت حيضة فكففت عنها فلم أطأها بعد تلك الحيضة حتى ظهر هذا الحمل فليس هو مني فله ذلك ولا يلزمه هذا الولد إذا ولدته لأكثر من ستة أشهر بعد الاستبراء‏.‏

قلت فإن لم يدع الاستبراء إلا أنه يقر أنه وطئها منذ أربع سنين فجاءت بهذا الولد بعد وطئه أيلزمه هذا الولد أم لا‏؟‏ قال قال لنا مالك يلحقه الولد ولم نوقفه على سنة ولا على أربع سنين فأرى أن يلزمه الولد إذا جاءت به لما يشبه أن يكون من وطء السيد وذلك إذا جاءت به لأقصى ما تحمل له النساء إلا أن يدعي الاستبراء‏.‏

بن وهب عن مالك بن أنس وغير واحد أن نافعا أخبرهم عن صفية بنت أبي عبيد أن عمر بن الخطاب قال ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يدعونهن يخرجن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد وطئها إلا ألحقت به ولدها فارسلوهن بعد أو أمسكوهن‏.‏

وأخبرني بن وهب عن أسامة بن زيد عن نافع أن بن عمر قال من وطىء أمته ثم ضيعها فأرسلها تخرج ثم ولدت فالولد منه والضيعة عليه قال نافع فهذا قضاء عمر بن الخطاب وقول عبد الله بن عمر‏.‏

قال وأخبرني عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا وطىء جارية له جعلها عند صفية بنت أبي عبيد ومنعها أن تخرج حتى يستمر بها حمل أو تحيض قبل ذلك وقال عبد العزيز مثل قول مالك إن أقر بالوطء لزمه الولد إلا أن يدعي استبراء وإن ولدته لمثل ما يحمل له النساء إلا أن يدعي الاستبراء‏.‏

في الرجل يقر في مرضه بوطء أمته في فجاءت بولد لما يشبه أن يكون من وطء السيد أيلزمه الولد أم لا‏؟‏

قلت أرأيت إن أقر رجل في مرضه أن هذه الأمة حملها منه وأقر بولد أمة له أخرى فقال ولدها مني وقال في أمة له أخرى قد وطئتها ولم يذكر الاستبراء بعد الوطء وكل هذا في مرضه فجاءت هذه التي أقر بوطئها بولد يشبه أن يكون من وطء السيد‏.‏

قال يلزمه الولد في هؤلاء كلهم وأمهاتهم أمهات أولاد عند مالك ويعتق أمهات الأولاد من جميع المال وإن لم يكن له مال سواهن فهم أحرار وأمهاتهم أمهات أولاد عند مالك ويعتقن‏.‏

قال وهذا كله قول مالك‏.‏

قال وسألت مالكا عن الرجل يقر عند موته بالجارية أنها قد ولدت منه ولا يعلم ذلك أحد إلا بقوله أترى أن يصدق في ذلك قال فقال لي مالك إن كان الرجل ورثته كلالة إنما هم عصبة ليسوا هم ولده فلا أرى أن يقبل قوله إلا ببينة تثبت على ما قال وإن كان له ولد رأيت أن يعتق‏.‏

قال فقلت لمالك أفمن رأس المال أم من الثلث فقال بل من رأس المال‏.‏

قال فقلت لمالك فالذي ورثته كلالة إنما هم عصبته ليسوا بولد أفلا ترى أن تعتق في الثلث‏؟‏ قال لا وهي أمة إلا أن يكون لها على ما قال بينة تثبت‏.‏

قلت وهذا إذا لم يكن مع الأمة ولد يدعيه السيد‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت فإن كان مع الأمة ولد يدعيه السيد جاز قوله في ذلك وكانت أم ولده‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت أرأيت قول مالك إذا كان ورثته كلالة لم يصدق إذا قال في جارية له عند موته أنها أم ولده أيجعل مالك الأخوة والأخوات كلالة في هذا الوجه أم لا‏؟‏ قال الأخوة والأخوات كلالة عند مالك في غير هذا الوجه‏؟‏

قال‏:‏ وإنما قال مالك الذي أخبرتك مبهما‏.‏

قال لنا إن كان ورثته كلالة فالأخ والأخت ها هنا في أمر هذه الجارية التي أقر بها أنها ولدت منه بمنزلة الكلالة لا يصدق إذا كان ورثته أخوة أو أخوات‏.‏

قال سحنون وقد قال إذا أقر في مرضه لجارية أنها ولدت منه وليس معها ولد كان ورثته كلالة أو ولدا فلا عتق لها من ثلث ولا من رأس المال وإنما قوله قد ولدت مني ولا ولد معها يلحق نسبه مثل قوله هذا العبد قد كنت أعتقته في صحتي فلا يعتق في ثلث ولا في رأس مال لأنه أقر وقد حجب عن ماله إلا من الثلث ولم يرد به الوصية ولا يكون في الثلث إلا ما أريد به الوصية أو فعله في المرض وليس له أن يعتق من رأس ماله في مرضه وقد قال أبو بكر الصديق لعائشة لو كنت حزتيه لكان لك ولكنه اليوم مال وارث وهذا كله قول مالك وأكثر الرواة‏.‏

في الرجل يبيع الجارية ثم يدعي ولدها ويقر بالوطء ثم ينكر ذلك المشتري

قلت أرأيت لو أني بعت جارية فجاءت بولد لما يشبه أن يكون من وطء جارية جاءت به لستة أشهر أو سنتين أو ثلاث فادعيت ولدها وأنكر المشتري أن يكون ولدي قال سئل مالك عن رجل باع جارية له وهي حامل فادعى أنه ولده قال مالك أمثل ذلك عندي إذا لم يكن في ذلك تهمة أن يلحق الولد به وتكون أمة أم ولد فكذلك إذا أقر بالوطء وأدعى الولد أنه يلحق به عند مالك لأنه ادعى أن ماءه فيها حين أقر بالوطء فإذا جاءت بولد لما يشبه أن يكون من الماء جعلته ولده‏.‏

قال ولقد سألت مالكا عن الرجل يبيع الجارية ومعها الولد فيدعيه عند الموت بعد سنين كثيرة كيف ترى فيه قال قال مالك أرى أن يلحق به إن لم يتهم على انقطاع من الولد إليه يكون الرجل لا ولد له فيتهم على أنه إنما أراد أن يميل بميراثه إليه لأن الصبي له إليه انقطاع فلا يقبل قوله إذا كان كذلك إذا كان ورثته كلالة ليس ورثته أولاده‏.‏

قال سحنون وقد قال بعض الرواة منهمأشهب إذا ولد عنده من أمته ولم يكن له نسب يلحق به فإقراره جائز ويلحق به الولد وتكون الأمة أم ولد ويرد الثمن كان ورثته كلالة أو ولدا قال سحنون وهو قول أكثر كبار أصحاب مالك‏.‏

الرجل يقر بوطء جاريته ثم ينكر ولدها

قلت أرأيت إن أقر رجل بوطء جاريته ثم باعها قبل أن يستبرئها فجاءت بولد لما يشبه أن يكون من وطئه ذلك فأنكر البائع أن يكون منه قال هو ولده لأنه مقر بالوطء ولا يقطع بيعه إياها ما لزمه من ذلك في الولد إلا أن يدعي استبراء وهذا قول مالك‏.‏

قلت أرأيت إن أقر بوطء جاريته فجاءت بولد فأنكر السيد أن يكون ولده قال سئل مالك عن الرجل يطلق امرأته فتدعي أنها قد أسقطت وقد انقضت عدتها ولا يعلم ذلك إلا بقولها‏.‏

قال قال مالك إن الولادة والسقط لا يكاد يخفى هذا على الجيران وإنها لوجوه تصدق النساء فيها وهو الشأن ولكن لا يكاد يخفى هذا على الجيران فكذلك مسألتك في ولادة الأمة‏.‏

قلت أرأيت أم ولد الرجل إذا ولدت ولدا فنفاه أيجوز نفيه في قول مالك قال قال مالك أما نفيه فجائز إذا ادعى الاستبراء وإلا لزمه الولد‏.‏

في أم الولد والأمة يقر سيدها بوطئها ثم تأتي بولد من بعد موته بما يشبه أن يكون تلد لمثله النساء

قلت أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها فجاءت بولد لأربع سنين أو لما تجيء به النساء أيلزم السيد الولد أم لا‏؟‏ قال نعم الولد له لازم إلا أن يدعي الاستبراء لأن كل من أقر بوطء أمة له عند مالك فجاءت بولد لما يشبه أن تكون حاملا لذلك الوطء فالولد ولده إلا أن يدعي الاستبراء بعد الوطء‏.‏

قلت وهذا مصدق في الاستبراء في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في المديان يقر بولد أمته أنه منه

قلت أرأيت لو أن رجلا عليه دين يحيط بماله فقال هذا الولد ولدي من أمتي هذه قال أراها أم ولده ولا يلحقها الدين والولد ولده وكذلك قال لي مالك في أمهات الأولاد إن الدين لا يلحقهن ولا يردهن ولا يجعلهن بمنزلة الرجل يعتق عبده وعليه دين‏.‏

قال سحنون وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم فيه اختلافا وهذا يدل على المسألة الأولى في الذي ادعى الولد وورثته عصبة والولد له انقطاع إلى المدعي وناحية فالمقر بالولد والدين غالب عليه أولى بالتهمة لإتلافه أموال الناس ولكن استلحاق الولد يقطع كل تهمة‏.‏

وقد قال ذلك بعض كبار رواة مالك منهم أشهب ألا ترى أن الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها قبل أن يدخل بها وقد علم أنه لم يمسها فالطلقة بائن ولا يجوز له ارتجاعها إلا بنكاح جديد وولي وصداق لما بانت منه في الحكم الظاهر فإن ظهر بالمرأة حمل فادعاه كان ولده وكانت زوجته بلا صداق ولا نكاح مبتدإ لاستلحاقه الولد فالولد قاطع للتهم‏.‏

في الرجل يزوج أمته فتلد ولدا لتمام ستة أشهر أو أقل من ذلك فيدعيه السيد

قلت لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا زوج أمته من عبده أو من رجل أجنبي فجاءت بولد لستة أشهر فصاعدا فادعاه السيد لمن الولد قال قال مالك في الرجل يزوج أمته ثم يطؤها السيد فتجيء بولد أن الولد ولد الزوج ولا يكون ولد السيد إلا أن يكون زوجها قد اعتزلها ببلد يعرف أن في إقامته ما كان استبراء لرحمها في طول ذلك فالولد يلحق بالسيد وسئل مالك عن رجل زوج أمته عبده ثم وطئها السيد فجاءت بولد قال الولد للعبد إلا أن يكون العبد معزولا عنها فإن الولد يلحق بالسيد لأنها أمته يدرأ عنه فيها الحد فكذلك يلحق به الولد إذا كان الزوج معزولا عنها‏.‏

قلت أرأيت إن زوج أمته فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر وقد دخل بها زوجها أيفسد نكاحه في قول مالك‏؟‏ قال نعم ويلحق الولد بالسيد إذا كان السيد مقرى بالوطء إلا أن يدعي الاستبراء‏.‏

في الرجل يطأ أمة مكاتبه فتحمل

قلت أرأيت الرجل يطأ أمة مكاتبه فحملت فجاءت بولد أيعتق الولد أم لا‏؟‏ قال لم أسمع من مالك في هذه المسألة شيئا إلا أني سمعت مالكا يقول لا يجتمع النسب والحد فإذا درئ الحد ثبت النسب فأرى في مسألتك هذه لا بد من أن يدرأ الحد ولا أحفظه عن مالك فإذا درئ الحد ثبت النسب‏.‏

قلت فهل يكون للمكاتب في الابن القيمة على أبيه يوم حملت وتكون الأمة أم ولد له بتلك القيمة أم لا‏؟‏ تكون له أم ولد وترجع إلى المكاتب أمة قال أحسن ما جاء فيه عندي أنها تقوم عليه يوم حملت بمنزلة الذي يطأ جارية ابنه أو ابنته أو شريكه ولا يكون هذا في أمة مكاتبه أشد مما يطأ جارية على الشريك في حصة شريكه وتكون أم ولد له ولا يصلح أن يلحق الولد به وتكون أمه أمة لمكاتبه‏.‏

قلت فإن لم يكن له مال وليس فيما بقي على مكاتبه قدر قيمتها أتكون أم ولد ويعتق المكاتب ويتبع سيده بفضل القيمة أم تكون أمة للمكاتب ويقاص السيد بقيمة الولد فيما بقي عليه من كتابته قال أرى أن يكون ذلك على السيد ويقاص المكاتب سيده بذلك فإن كانت قيمتها كفافا لما بقي عليه من الكتابة أعتق وإن كان في قيمتها فضل رجع بذلك المكاتب على سيده وأعتق‏.‏

قال سحنون وقال غيره ليس للسيد تعجيل ما على مكاتبه وقال فإن كان له مال أخذت القيمة من ماله وصارت أم ولد للشبهة في ذلك وإن كان ماله على مكاتبه لا يحيط بقيمتها بيع ما على مكاتبه فإن كان ذلك قيمتها كانت أم ولد وأعطى المكاتب ذلك الثمن إلا أن يشاء المكاتب أن يكون أولى بما بيع منه لتعجيل العتق وإن أبى كان له الوقوف على كتابته وإن لم يكن في ذلك إلا بقدر نصف الجارية أخذه المكاتب وبقي نصف الجارية للمكاتب ونصفها بحساب أم ولد واتبع السيد بنصف قيمة الولد‏.‏

في الرجل يطأ جارية ابنه

قلت أرأيت الرجل يطأ جارية ابنه أتقوم عليه في قول مالك أم لا‏؟‏ وكيف إن كان ابنه صغيرا أو كبيرا أو حملت أو لم تحمل الجارية من الأب قال قال مالك تقوم عليه جارية ابنه إذا وطئها حملت أو لم تحمل كبيرا كان أو صغيرا وهو قول مالك أن الصغير والكبير في ذلك سواء تقوم عليه إذا وطئها وإن لم تحمل ولا حد عليه فيها لأن مالكا قال في الجارية بين الشريكين إذا وطئها أحدهما قومت عليه يوم حملت إلا أن يحب الشريك إن هي لم تحمل أن لا تقوم على شريكه فذلك له ولا أرى أنا الابن بمنزلة الشريك إذا هي لم تحمل فإن كان الابن كبيرا وليس للأب مال فإنها تقوم على الأب على كل حال مليا كان أو معدما وتباع عليه إن لم تحمل لابنه وكذلك المرأة تحل جاريتها لزوجها أو لابنها أو لغيرهما وكذلك الأجنبيون هم بمنزلة سواء‏.‏

قلت أرأيت إن وطىء رجل جارية ابنه وقد كان ابنه وطئها قبل ذلك أتقوم على الأب أم لا‏؟‏ قال قال مالك تقوم على الأب فقلت فهل للأب أن يبيعها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت فإن حملت من وطء الأب قال قال مالك تقوم على الأب وتخرج حرة ويلحقه الولد لأنها حرمت على الأب لأن الابن قد كان وطئها قبل ذلك وإنما كان للأب فيها المتعة فلما كانت عليه حراما عتقت‏.‏

قال ولم أسمعه من مالك ولكن أخبرني عنه بعض من أثق به‏.‏

قلت أرأيت إن وطىء الأب أم ولد ابنه أتقوم عليه أم ماذا يصنع به في قول مالك قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن تؤخذ القيمة من الأب قيمة أم الولد فتدفع إلى الابن وتعتق الجارية على الابن ولا تعتق على الأب لأن الولاء قد ثبت للابن وإنما ألزمنا الأب القيمة للفساد الذي أدخله على الابن ولا آمر الابن أن يطأها فإذا نهيت الابن عن الوطء وحرمت عليه بوطء الأب أعتقتها عليه وقد بلغني ذلك عن مالك‏.‏

قلت لم حرمت هذه الجارية على الابن وقد قال مالك لو أن رجلا وطىء امرأة ابنه لم تحرم على الابن‏؟‏ قال لا تشبه الحرة في هذا الأمة لأن الرجل لو وطىء امرأة ابنه لرجمته إن كان محصنا وإن كان لم يحصن بامرأة قد حددته حد البكر ولست أحده في أم ولد الابن فلما لم أحده في أم ولد ابنه حرمتها على الابن فكذلك أم ولد الابن لأنها أمة إذا وطئها الأب دفعت عنه الحد وحرمتها على الابن وألزمت الأب قيمتها وأعتقتها على الابن‏.‏

قلت أرأيت إن جاءت هذه الجارية بولد بعد ما وطئها الأب قال ينظر في ذلك فإن كان الابن غائبا يوم وطئها الأب وقد غاب الابن قبل ذلك غيبة يعلم أن في مثلها قد استبرأت لطول مغيبة فالولد ولد الأب لأن مالكا قال لو أن رجلا زوج غلاما له أمة له فوطئها سيدها بعد ما دخل بها زوجها فولدت ولدا‏.‏

قال مالك إن كان العبد غير معزول عنها فالولد للعبد وإن كان معزولا عنها أو غائبا قد استيقن في ذلك أنها قد حاضت بعده واستبرأ رحمها‏.‏

قال مالك رأيت أن يلحق الولد بالسيد وترد الجارية إلى زوجها فكذلك الأب في جارية ابنه‏.‏

في الرجل يتزوج الأمة فتلد منه ثم يشتريها أتكون بذلك أم ولد أم لا‏؟‏

قلت أرأيت إن تزوج الولد أمة والده فولدت ثم اشتراها أتكون أم ولد بذلك الولد أم لا‏؟‏ في قول مالك قال قال مالك كل من تزوج أمة ثم اشتراها وقد كانت ولدت منه قبل أن يشتريها أنها لا تكون أم ولد بذلك الولد إلا أن يشتريها وهي حامل فتكون بذلك الولد أم ولد ألا ترى أن الولد الذي ولدته قبل أن يشتريها أنه لسيدها الذي باعها وأن الذي اشتراها وهي حامل به يكون له فتصير بهذا أم ولد ولا تصير بالذي ولدت قبل الشراء أم ولد لأنه رقيق وأما ما سألت عنه من اشتراء الولد امرأته من أبيه وهي حامل فإني لا أراها أم ولد وإن اشتراها وهي حامل منه لأن الولد قد عتق على جده في بطنها وإنما تكون أم ولد إذا اشتراها وهي حامل منه بمن لم يعتق عليه وهو في بطنها فأما ما ثبتت فيه الحرية يعتق على من ملكه فاشتراها وهي حامل به فلا تكون به أم ولد‏.‏

ألا ترى أن سيدها لو أراد أن يبيعها لم يكن ذلك له لأنه قد عتق عليه ما في بطنها وأن الأمة التي لغير أبيه لو أراد أن يبيعها وهي تحت زوجها باعها وكان ما في بطنها رقيقا فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت أرأيت لو أني اشتريت أمة قد كان أبي تزوجها وهي حامل من أبي قال يعتق عليك ما في بطنها ولا تستطيع أن تبيعها حتى تضع ما في بطنها ولا تعتق عليك الأمة‏.‏

قلت فإن رهقني دين بعد ما اشتريتها أتباع أم لا‏؟‏ قال نعم تباع عليك وتباع بالولد وذلك أنه إنما يعتق عليك إذا خرج إلا أنك لا تستطيع أن تبيعها لما عقد لولدها من العتق بعد الخروج‏.‏

قال سحنون وقد قال أشهب مثل قول عبد الرحمن بن القاسم وقال بعض رواة مالك لا تباع في الدين حتى تضع لأن عتق هذا ليس هو عتق اقتراب من السيد إنما أعتقته السنة وعتق السنة أوكد من الاقتراب وأشد‏.‏

قلت فإن اشتريتها وهي حامل من أبي وأبي حي وهي تحته أتكون أم ولد لأبي بذلك الولد ويفسخ التزويج‏؟‏ قال لا لا تكون أم ولد بذلك الولد وهي أمة للابن ولا تكون أم ولد بذلك الولد لأن الولد إنما عتق على أخيه ولم يعتق على أبيه ولم يكن للأب فيها ملك وتحرم على الأب بملك ابنه إياها لأن الأب لا ينبغي له أن يتزوج أمة ابنه‏.‏

قلت فإن كانت حاملا من أخي فاشتريتها قال تكون هي وولدها رقيقا لك لأن الرجل لا يعتق عليه بن أخيه‏.‏

قال سحنون وقد قال غيره في الابن الذي تزوج جارية أبيه فحملت منه ثم اشتراها من أبيه إن ذلك لا يجوز لأن ما في بطنها قد عتق على جده ولا يجوز أن تباع ويستثنى ما في بطنها لأن ذلك غرر لأنه وضع من ثمنها لما استثنى وهو لا يدري أيكون لها ولد أم لا‏؟‏ يكون فكما لا يجوز له بيع ما في بطنها لأنه غرر فكذلك إذا باعها واستثنى ما في بطنها لأنه وضع من الثمن لمكانه‏.‏

ألا ترى أن عتق ما في بطنها عتق لا يتسلط عليه الدين ولا يلحقه الرق لأنه عتق سنة وليس هو عتق اقتراب‏.‏

في أم ولد المرتد ومدبره

قلت أرأيت لو أن مسلما ارتد ولحق بدار الحرب وله عبيد قد دبرهم وأمهات أولاد في دار الإسلام أيعتقون عليه حين لحق بدار الحرب كافرا قال قال مالك في الأسير يتنصر إنه لا يقسم ماله الذي في دار الإسلام بين ورثته فهذا يدلك على أن أمهات أولاد المرتد لا يعتقن عليه بلحاقه بدار الحرب لأن من لا يقسم ماله بين ورثته لا تعتق عليه أمهات أولاده فلما كان الأسير إن تنصر لم يقسم ماله بين ورثته فكذلك المرتد إذا ارتد في دار الإسلام ولحق بدار الحرب فهو بمنزلة الأسير الذي تنصر فإن رجع إلى دار الإسلام فتاب ثم مات كان ميراثه بين ورثته وعتق عليه أمهات أولاده ومدبروه وإن مات على الارتداد كان ماله لجميع المسلمين وأما مدبروه فإنهم يعتقون وليس هي وصية استحدثها لأنه أمر عقده في الصحة ولم يكن يستطيع أن ينقضه وهو مسلم فلذلك جاز عليه وأما كل وصية لو شاء أن يردها وهو مسلم ردها فإنها لا تجوز إذا ارتد وكذلك الأسير إذا تنصر ولو جاز له ما أوصى به وهو مسلم ولو شاء أن يرده رده لجاز له أن يحدث في ارتداده وصية فهذا وجه ما سمعته‏.‏

قلت أرأيت المرتد إذا ارتد وله أمهات أولاد أيحرمن عليه في حال ارتداده في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت فهل يعتقن عليه إذا وقعت الحرمة‏؟‏ قال لا أحفظ قول مالك في العتق ولكني لا أرى أن يعتقن عليه لأن الحرمة التي وقعت ها هنا من قبل ارتداده ليست كحرمة النكاح لأن النكاح عصمة تنقطع منه بارتداده وهذه عصمة ليس لها من عصمة تنقطع وهذه تحل له إن رجع عن ارتداده إلى الإسلام فأراها موقوفة إن أسلم كانت أم ولده بحال ما كانت قبل أن يرتد‏.‏

في أم ولد الذمي تسلم

قلت أرأيت أم ولد الذمي إذا أسلمت ما عليها في قول مالك قال تعتق وقد قال مالك توقف حتى يموت أو يسلم فتحل له ثم رجع إلى أن تعتق‏.‏

قلت ولا تسعى في قيمتها في قول مالك‏؟‏ قال لا لأن الذمي إنما كان له فيها الاستمتاع بوطئها فلما أسلمت حرم عليه فرجها فرجها فصارت حرة‏.‏

قلت أرأيت إن أسلمت أم ولد النصراني ثم أسلم النصراني مكانه بعد إسلامها أتجعلها أم ولده كما كانت أم تعتقها عليه قال إن أسلم قبل أن يعتقها السلطان عليه بعد ما أسلمت كانت أم ولد له‏.‏

قال والذي أرى في أم ولد الذمي إذا أسلمت إن غفل عنها فلم يرفع أمرها حتى أسلم سيدها النصراني وقد طال في ذلك زمانها أن سيدها أولى بها إن أسلم ما لم يحكم عليه السلطان بعتقها لأنه أمر قد اختلف الناس‏.‏

عن مالك قلت أرأيت أم ولد ذمي ولدت بعد أن صارت أم ولد من غير سيدها فأسلمت فأعتقتها عليه في قول مالك ما حال الولد وهل هم مسلمون بإسلام أمهم إذا كانوا صغارا أم لا‏؟‏ وهل يعتق ولد أم الولد على سيدهم النصراني إن أسلم وأمه نصرانية أو أسلمت أم الولد ولم يسلم معها أولادها وهم كبار قد استغنوا عن أمهم بلغوا الحلم أو لم يبلغوا أتعتقهم أم لا‏؟‏ قال لا عتق للولد الكبار إذا أسلموا مع إسلام أمهم أو قبلها أو بعدها ولا إسلام للولد الصغار بإسلام أمهم استغنوا عنها أو بلغوا الإثغار أو لم يبلغوا ولا عتق لهم ولا لجميع ولدها إن أسلموا إلا إلى موت سيدها ولا يعتق منهم بالإسلام إلا الأم وحدها وذلك أن الأم إذا جنت أجبر سيدها على افتكاكها وأن ولدها لو جنوا جناية لم يجبر السيد على افتكاكهم وإنما عليه أن يسلم الخدمة التي له فيهم فيختدمهم المجروح إلى أن يستوفي جرحه قبل ذلك فيرجعون إلى سيدهم فهذا فرق ما بينهما وإنما إسلام الأم بمنزلة ما لو عجل لها سيدها العتق دون ولدها فلا عتق لولدها إذا أسلموا إلا إلى موت سيدها ولقد قال مالك الأولاد تبع للآباء في الإسلام في الأحرار وقال في أولاد العبيد في الرق إنهم تبع للأمهات في الرق ولم أسمعه قال في إسلامهم شيئا إلا أني أرى أن لو أن أمة لنصراني لها ولد صغير فأسلمت بيعت وما معها من ولد صغير ولا يفرق بينها وبين ولدها لأنه لا يستغنى عنها‏.‏

قلت فإن كان قد استغنى عنها‏؟‏ قال لا يباع معها‏.‏

قلت ولا يكون مسلما بإسلامها صغيرا كان أو كبيرا قال إذا استغنى عنها فلا أراه عندي مسلما بإسلامها وإن لم يستغن عنها بيع معها من مسلم فأما إسلامه فلا أراه مسلما إذا كان أبوه نصرانيا ولا لسيده الذي اشتراه مع أمه أن يجعله مسلما إذا كره ذلك أبوه‏.‏

قال ولقد سمعت مالكا وهو يسأل عن الرجل المسلم يكون له العبد والأمة على النصرانية فتلد أولادا أترى أن يكره الأولاد على الإسلام وهم صغار قال ما علمت ذلك استنكارا أن يكون ذلك لسيدهم‏.‏

قلت أرأيت المكاتب النصراني إذا كان مولاه مسلما فأسلمت أم ولد هذا النصراني المكاتب قال أرى أن توقف فإن عجز المكاتب كانت حاله مثل حال النصراني يشتري الأمة المسلمة وإن كان السيد نصرانيا ثم أسلمت أم ولد المكاتب النصراني أوقفت فإن أدى المكاتب عتقت عليه وإن عجز كان رقيقا وبيعت عليه‏.‏

أم الولد يكاتبها سيدها

قلت أرأيت أم الولد أيصلح أن يكاتبها سيدها في قول مالك قال قال مالك لا يكاتبها سيدها إلا بشيء يتعجله منها فأما أن يكاتبها يستسعيها في الكتابة فلا يجوز ذلك‏.‏

قلت وإنما يجوز عند مالك في أم الولد أن يعتقها على مال يتعجله منها قط‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت أرأيت إن كاتب الرجل أم ولده أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز ذلك‏.‏

قلت فإن فاتت بأداء الكتابة أتعتقها أم لا‏؟‏ قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا ترد في الرق بعد ان عتقت‏.‏

قلت أرأيت أم الولد إذا كاتبها سيدها على مال فأدته إلى السيد فخرجت حرة أيكون لها أن ترجع على السيد بذلك فتأخذه منه في قول مالك لأن مالكا‏؟‏ قال لا يجوز أن يكاتب الرجل أم ولده‏؟‏ قال لا ترجع على سيدها بشيء مما دفعت لأن مالكا قال للسيد أن يأخذ مال أم ولده منها ما لم يمرض فإذا مرض لم يكن له أن يأخذ مالها منها لأنه إنما يأخذه الآن لورثته‏.‏

قال وقال مالك أيضا لا بأس بأن يقاطع الرجل أم ولده على مال يتعجله منها ويعتقها فهذا يدلك على أنها لا ترجع بما أدت من ذلك إلى السيد‏.‏

قلت فلم جوز مالك القطاعة في أم الولد ولم يجوز الكتابة قال لأن القطاعة كأنه أخذ مالها وأعتقها وقد كان له أن يأخذ مالها ولا يعتقها وأما الكتابة فإذا كاتبها فكأنه باعها خدمتها ورقها فلا يجوز أن يبيعها بذلك ولا يستسعيها لأن أمهات الأولاد لا سعاية عليهن إنما فيهن المتعة لساداتهن‏.‏

قال وقال مالك ليس لسيد أم الولد أن يستخدمها ولا يجهدها في مثل استقاء الماء والطحين وما أشبهه ولا يكاتبها ولو أن رجلا كاتب أم ولده فسخت الكتابة فيها إلا أن تفوت بأداء الكتابة فتكون حرة‏.‏

قلت أرأيت أم الولد إذا كاتبها سيدها قال تفسخ كتابتها وقال في أم الولد إذا كوتبت فأدت أنها حرة لأن مالكا‏؟‏ قال لا بأس بأن يقاطع الرجل أم ولده فإذا كان لا بأس بالقطاعة فهي إذا أدت حرة لا شك في ذلك ولا ينبغي كتابتها ابتداء‏.‏

قال سحنون وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال إذا أرادت أم الولد أن تتعجل العتق بأمر صالحها عليه سيدها فهو جائز فأما الكتابة كتابة المملوك فلا ولكن تصالح من ذات يدها ما يثبت لها العتق‏.‏

وأخبرني بن وهب عن الليث عن يحيى بن سعيد بذلك‏.‏

قال‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال الليث قال يحيى ولو مات سيدها وعليها الدين الذي اشترت به نفسها كان ذلك دينا عليها تتبع به لأنها اشترت رقا كان عليها تعجلت العتق بما كتب عليها ولو أنها كاتبت على كتابة معلومة ونجم عليها تلك الكتابة الشهور والسنين ثم مات الرجل عتقت وبطل ما بقي عليها من الكتابة‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن أبي الزناد بنحو ذلك‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني يونس عن ربيعة أنه قال في رجل كاتب سريته قال فإن كانت جاءته بمال تدفعه إليه على عتق تتعجله يكون بعض ذلك لبعض فذلك جائز لها وأنكر ربيعة أن يكاتبها وقال إن كاتبها مخالفة لشروط المسلمين فيها الآثار بن وهب‏.‏

في الرجل يعتق أم ولده على مال يجعله عليها دينا برضاها أو بغير رضاها

قلت أرأيت من أعتق أم ولده على مال يجعله عليها دينا برضاها أو بغير رضاها أيلزمها ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال لا أقوم على حفظ قول مالك إلا أن مالكا قال ليس له أن يستعملها ولا يكاتبها فإذا لم يكن له أن يستعملها ولا يكاتبها فليس له أن يعتقها ويجعل عليها دينا بغير رضاها وإذا كان برضاها فليس به بأس عندي إنما هي بمنزلة امرأة حرة اختلعت من زوجها بدين جعله عليها فكذلك أم الولد لأنه إنما كان لسيدها المتاع فيها مثل ما كان له في الحرة من المتاع‏.‏

في أم ولد الذمي يكاتبها ثم يسلم

قلت أرأيت لو أن نصرانيا كاتب أم ولده النصرانية فأسلمت أم ولده أتسقط الكتابة عنها وتعتق في قول مالك‏؟‏ قال نعم لأنه قال إذا أسلمت أم ولد النصراني عتقت عليه‏.‏

قلت أرأيت لو أن ذميا كاتب أم ولده الذمية ثم أسلمت قال قال مالك في أم ولد الذمي إذا أسلمت أنها حرة فأرى هذه بتلك المنزلة أنها حرة وتسقط عنها الكتابة‏.‏

بيع أم الولد وعتقها

قلت أرأيت إن اشتريت أم ولد رجل فأعتقتها قال قال مالك ليس عتقك عتقا ويرد هذا البيع وترجع إلى سيدها‏.‏

قلت لم وهذا العتق آكد من أم الولد قال لأن ذلك قد ثبت في أم الولد ولا يشبه التدبير لأن التدبير من الثلث وأم الولد حرة من رأس المال إلا أن له فيها المتعة فهي مردودة على كل حال أم ولد للبائع فإن ماتت في يدي المشتري قبل أن ترد فمصيبتها من البائع ويرجع المشتري إلى ماله فيأخذه‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا باع أم ولده فأعتقها المشتري أيكون هذا فوتا‏؟‏ قال لا يكون هذا فوتا ولا تكون حرة وترد إلى سيدها‏.‏

قلت فإن ماتت وذهب المشتري فلم يقدر عليه ما يصنع بالثمن قال يتبعه فيطلبه حتى يرده إليه فإن قدر عليه وقد ماتت الجارية أم الولد في يدي المشتري رد عليه جميع الثمن ولم يتبعه بشيء لأن أم الولد إنما كان لسيدها فيها المتاع بالوطء لا بغيره وهي معتوقة من رأس المال على سيدها فلا يأكل ثمن حرة‏.‏

قلت فإن مات سيدها وقد ماتت أم الولد قبله أو بعده أو لم تمت قال يرد الثمن إلى مشتريها على كل حال ويكون ثمنها دينا على بائعها إن لم يكن عنده وفاء ماتت أو لم تمت مات سيدها أو لم يمت مات سيدها قبلها أو بعدها أفلس أو لم يفلس‏.‏

العبد المأذون له يعتق وله أمة أو أم ولد حامل

قلت أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى جارية فوطئها بملك اليمين بإذن السيد أو بغير إذن السيد فولدت ثم أعتق العبد بعد ذلك فتبعته كما تبعه ماله أتكون بذلك الولد أم ولد أم لا‏؟‏ قال قال مالك لا تكون به أم ولد وله أن يبيعها وكل ولد ولدته قبل أن يعتقه سيده أو أعتقه سيده وأمته حامل منه لم تضعه فإن ما ولدت قبل أن يعتقه سيده وما في بطن أمته رقيق كلهم للسيد ولا تكون بشيء منهم أم ولد لأنهم عبيد وأما أمهم فبمنزلة ماله لأنه إذا أعتقه سيده تبعه ماله‏.‏

قال ابن القاسم إلا أن يملك العبد ذلك الحمل الذي في بطن جاريته منه قبل أن تضعه فتكون به أم ولد له‏.‏

قال فقلت لمالك فلو أن العبد حين أعتقه سيده أعتق هو جاريته وهي حامل منه قال قال لي مالك لا عتق له في جاريته وحدودها وحرمتها وجراحها جراح أمة حتى تضع ما في بطنها فيأخذه سيده وتعتق الأمة إذا وضعت ما في بطنها بالعتق الذي أعتقها به العبد المعتق ولا تحتاج الجارية ها هنا إلى أن يجدد لها العتق‏.‏

قال مالك ونزل هذا ببلدنا وحكم به‏.‏

قال ابن القاسم وسأله بعض أصحابه بن كنانة بعد ما قال لي هذا القول بأعوام أرأيت المدبر إذا اشترى جارية فوطئها فحملت منه ثم عجل السيد عتقه وقد علم أن ماله يتبعه أترى ولده يتبع المدبر‏؟‏ قال لا ولكنها إذا وضعته كان مدبرا على حال ما كان عليه الأب قبل أن يعتقه السيد والجارية للعبد تبع لأنها ماله‏.‏

قلت وتصير ملكا له ولا تكون بهذا الولد أم ولد له قال قد اختلف قول مالك في هذه بمنزلة ما اختلف في المكاتب وجعله في هذه الجارية بمنزلة المكاتب في جاريته والذي سمعت من مالك أنه قال تكون أم ولد إذا ولدته في التدبير أو في الكتابة‏.‏

قال فقلت لمالك وإن لم يكن لها يوم تعتق ولد حي‏؟‏ قال نعم وإن لم يكن لها ولد حي يوم تعتق‏.‏

قال سحنون وقد قال أكثر الرواة لا تكون أم ولد المدبر أم ولد أذا عتق المدبر كان له ولد يوم يعتق أو لا ولد له لأنه قد كان للسيد أخذها‏.‏

قالوا‏:‏ ماله وليس هي مثل أم ولد المكاتب لأن المكاتب كان ماله ممنوعا من سيده فبذلك افترقا وأم ولد المكاتب أم ولد إذا أدى وعتق‏.‏

قلت ما حجة مالك في التي في بطنها ولد من هذا العبد الذي أعتقه سيده فقال المعتق هي حرة لم جعلها مالك في جراحها وحدودها بمنزلة الأمة وأن ما في بطنها ملك للسيد وهي إذا وضعت ما في بطنها كانت حرة باللفظ الذي أعتقها به العبد المعتق قال لأن ما في بطنها ملك للسيد فلا يصلح أن تكون حرة وما في بطنها رقيق فلما لم يجز هذا أوقفت فلم تنفذ لها حريتها حتى تضع ما في بطنها‏.‏

قال ومما يبين لك ذلك أن العبد إذا كاتبه سيده وله أمة حامل منه أن ما في بطنها رقيق ولا يدخل في كتابة المكاتب إلا أن يشترطه المكاتب‏.‏

قال سحنون وهذا قول الرواة كلهم ما علمت لأحد منهم خلافا في هذا إلا أشهب فإنه قال إذا كاتب الرجل عبده وله أمة حامل منه دخل حملها معه في الكتابة إلا أن يشترطه السيد‏.‏

في أم ولد المدبر يموت سيده فيعتق في ثلثه

قال وقال مالك في أم ولد المدبر إذا مات سيده فعتق في ثلث مال الميت إن أم ولده أم ولد له بالولد الذي كان في التدبير وولده الذين ولدوا بعد التدبير من أم ولده بمنزلته يعتقون في ثلث مال الميت‏.‏

قال ابن القاسم وإن أراد المدبر أن يبيع أم ولده قبل موت سيده لم يكن ذلك له إلا بإذن سيده وإن أراد سيده انتزاعها كان ذلك له‏.‏

قال فقلت لمالك فإن كان أعتق المكاتب أو المدبر ولا ولد له يوم أعتق‏؟‏ قال نعم أراها أم ولد بما ولدت في التدبير والكتابة‏.‏

قال ابن القاسم وإنما تكون أم ولد لأن ولدها بمنزلة والدهم فقد جرى في ولدها مثل ما جرى في أبيهم فهذا يدلك أيضا على أنه يجري فيها ما يجري في ولدها‏.‏

قال وقال مالك ام ولد في المدبر إذا مات سيده فعتق في ثلث ماله إن أم ولده أم ولد له بالولد الذي حملت به في تدبيره كانوا معها يوم يعتق أبوهم أو ماتوا قبل ذلك‏.‏

قال ابن القاسم فتكون أم ولد لأن ولدها بمنزلة أبيهم لأنه جرى العتق في الولد بما جرى في الوالد فكذلك يجري أيضا فيها كما جرى في ولدها‏.‏

قال سحنون قد أعلمتك بهذا الأصل قبل هذا‏.‏

في أم ولد المدبر وولده يموت قبل سيده

قلت أرأيت لو أن رجلا له مدبر فولد للمدبر ولد من أمة ثم مات المدبر ثم مات السيد قال لما مات المدبر كانت أم ولده أمة للسيد وجميع ما ترك المدبر من مال للسيد وأما الولد فإنه مدبر يقوم في ثلث مال الميت بعد موته‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في الرجل يدعي الصبي في ملك غيره أنه ولده

قلت أرأيت لو أن رجلا باع صبيا صغيرا في يديه ثم أقر بعد ذلك أنه ابنه أيصدق في قول مالك ويرد الصبي‏؟‏ قال نعم إذا كان قد ولد عنده‏.‏

قال وأخبرني بن دينار أنها نزلت بالمدينة فقضى بها بعد خمس عشرة سنة وكذلك قال مالك‏.‏

قلت فإن كان الصبي لم يولد عنده قال قال مالك القول قوله أبدا إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه‏.‏

قال مالك فما ادعى مما يعرف كذبه فيه فهو غير لاحق به‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا ادعى ابنا فقال هذا ابني ولم تكن أمه في ملكه ولا كانت له زوجة أيصدق في ذلك إذا كان الابن لا يعرف نسبه قال قال مالك من ادعى ولدا لا يعرف كذبه فيما ادعى الحق به الولد إذا لم يكن للولد نسب ثابت‏.‏

قلت ومن يعرف كذبه ممن لا يعرف كذبه قال الغلام يولد في أرض الشرك فيؤتى به محمولا مثل الصقالبة والزنج ويعرف أن المدعي لم يدخل تلك البلاد قط فهذا الذي يعرف كذبه وما أشبهه‏.‏

قلت أرأيت إن شهد الشهود أن أم هذا الغلام لم تزل ملكا لفلان أو لم تزل زوجة لفلان غير هذا المدعي حتى هلكت عنده أيستدل بهذا على كذب المدعي قال أما الأمة فلعله كان تزوجها فلا أدري ما هذا وأما الحرة فإذا شهدوا أنها زوجة الأول حتى ماتت فهي مثل ما وصفت لك فيما يولد في أرض العدو‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال إنما قال مالك في الحمل إذا ادعاه ولم يعرف أنه دخل تلك البلاد قط لم يصدق فأما إذا علموا أنه دخل تلك البلاد فإن الولد يلحق به‏.‏

قلت أرأيت إن ادعى أنه ابنه وهو في ملك غيره أيصدق أم لا‏؟‏ أو كان أعتقه الذي كان في ملكه ثم ادعاه هذا الرجل أتجوز دعواه إن أكذبه الذي أعتقه أو صدقه قال قد سمعت أنه لا يصدق إذا أكذبه المعتق ولا أدري أهو قول مالك أم لا‏؟‏ وهو رأيي‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا قال هذا ابني وهو بن أمة لرجل وقال زوجني الأمة سيدها فولدت لي هذا الولد فكذبه سيدها أيكون ولده أم لا‏؟‏ قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يصدق‏.‏

قلت فإن اشتراه قال أراه ابنه وأراه حرا وإنما قلت أراه حرا لأن مالكا قال من شهد على عتق عبد فردت شهادته ثم اشتراه بعد ذلك عتق عليه وأما في النسب فهو رأيي‏.‏

قلت أرأيت إن ادعيت أولاد أمة لرجل فقلت لسيدها زوجتني أمتك هذه وولدت هؤلاء الأولاد مني وكذبه السيد وقال ما زوجتك ولا هؤلاء الأولاد منك أيثبت نسب الولد منه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال لا يثبت نسبهم منه‏.‏

قلت فإن اشتراهم هذا الذي ادعاهم واشترى أمهم قال إذا اشتراهم ثبت نسبهم منه لأنه أقر بأنهم أولاده بنكاح لا بحرام فلذلك ثبت النسب منه ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت ولا تكون أمهم بولادتهم أم ولد في قول مالك‏؟‏ قال نعم لا تكون أم ولد‏.‏

قلت أرأيت لو أن السيد أعتق الأولاد قبل أن يشتريهم هذا الذي ادعاهم أيثبت نسبهم من هذا الذي ادعاهم أم لا‏؟‏ قال لا يثبت نسبهم منه لأن الولاء قد ثبت للذي أعتقهم ولا ينتقل الولاء عنه ولا توارثهم إلا ببينة تثبت لأن الولاء لا ينتقل عند مالك إلا بأمر يثبت‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا باع صبيا قد ولد عنده أو لم يولد عنده ثم ادعاه أنه ابنه قال سمعت مالكا وهو يسأل عن الرجل يدعي الغلام فقال يلحق به إلا أن يستدل على كذبه‏.‏

قال وأخبرني من أثق به من أهل المدينة أن رجلا باع غلاما قد ولد عنده فادعاه وهو عند المشتري بعد خمس عشرة سنة قال مالك يلحق به‏.‏

قلت أرأيت إذا اشترى رجل جارية من رجل فجاءت بولد عند المشتري لمثل ما تلد له النساء فادعاه البائع قال مالك دعواه جائز ويرد البيع وتكون أمة أم ولد إذا لم تكن تهمة‏.‏

قال ولم نسأل مالكا عن قولك لمثل ما تلد له النساء وهو رأيي‏.‏

قلت أرأيت إن اشترى رجل جارية فولدت عند المشتري لستة أشهر أو لسبعة أشهر فادعى البائع ولدها وقد أعتق المشتري الأم قال سئل مالك عن رجل اشترى جارية فأعتقها فادعى البائع أن الجارية قد كانت ولدت منه‏.‏

قال مالك لا يقبل قوله إلا ببينة فأرى مسألتك مثل هذه لا يقبل قوله بعد العتق في الأمة لأن عتقها قد ثبت وتقبل دعواه في الولد ويصير ابنه‏.‏

قال سحنون ويرد الثمن لأنه قد أقر أنه أخذ ثمن أم ولده‏.‏

قلت أرأيت إن بعت جارية لي حاملا فولدت عند المشتري فأعتق المشتري ولدها فادعاه البائع أتثبت دعواه قال قال مالك في الجارية إذا أعتقها المشتري فادعى ولدها البائع ما أخبرتك ففي ولدها أيضا إذا أعتق المشتري ولدها أن الولاء قد ثبت فلا يرد بقول البائع هذا الذي قد ثبت من الولاء إلا بأمر يثبت‏.‏

قلت فالجارية ما حالها ها هنا قال أرى إن كانت دنية لا يتهم في مثلها رأيت أن تلحق به ويرد الثمن وإن كانت ممن يتهم عليها لم يقبل قوله وكذلك قال مالك في الأمة إذا ادعى أنها أم ولد رأيت أن تلحق به إذا لم يتهم‏.‏

قلت فالولد ها هنا أينتسب إلى أبيه ويوارثه قال ينتسب إلى أبيه والولاء قد ثبت للمعتق‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا باع جارية فولدت عند المشتري فمات ولدها وماتت الجارية فادعى البائع ولدها بعد موتها‏؟‏ قال لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولكن أرى أن يرد البائع جميع الثمن لأنه مقر بأن الثمن الذي أخذه لا يحل له وهذا المشتري لم يحدث في الجارية شيئا يضمن به‏.‏

قلت فإن كانت الجارية والولد لم يموتا ولكن أعتقهما هذا المشتري قال يرد الثمن والعتق ماض والولاء للمعتق‏.‏

قلت أرأيت إن اشتريت جارية فأقامت عندي سبعة أشهر فوضعت ولدا فادعيته أنا والبائع جميعا قال إن كان المشتري قد استبرأها بحيضة فجاءت بولد لستة أشهر من بعد الاستبراء فالولد ولد المشتري وإن كان المشتري لم يستبرئ وقد وطئاها جميعا في طهر واحد دعي له القافة‏.‏

قلت أرأيت إن دعي له فقالت القافة فقال هو منهما جميعا قال قول مالك إنه يوالي أيهما شاء كما قال عمر بن الخطاب وبه يأخذ‏.‏

قلت أرأيت إن بعت جارية حاملا فولدت فأعتقها المشتري وولدها فادعيت الولد أتجوز دعواي وترد إلي وتكون أم ولدي في قول مالك أم لا‏؟‏ قال أما الولد فيلحق به نسبه وأما أم الولد فإنها إن لم تعتق فإن مالكا قال فيها إن لم يتهم فإن أمثل شأنها أن تلحق به وترد أم ولد له فأما إذا أعتقت هي فإني لا أحفظ أني سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى فيها أن العتق لا يرد بعد أن عتقت ولا يقبل قوله ولا يرد عتق الجارية إلا ببينة تثبت له وهو قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم وأنا أرى أن لا يفسخ عتق جارية قد ثبتت حريتها بقوله فترد إليه أمه وإن كان مثلها لا يتهم عليها فلا ترد عليه إلا ببينة تثبت وأنا أرى أن يرد على المشتري الثمن ولا ترد إليه الجارية بقوله ويكون الولاء للمشتري‏.‏

قلت أرأيت إن اشتريت جارية فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر فادعيت الولد أتعتق علي أم لا‏؟‏ وتكون أم ولدي أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال لا تكون أم ولدك ولا يكون ولدك تعتق عليك لأنه ولد قبل تمام ستة أشهر من يوم اشتريت الأم فالحمل لم يكن أصله في ملكك فلا يجوز دعواك فيه في قول مالك‏.‏

قال وقال مالك كل من ادعى ولدا يستيقن فيه كذبه لم يلحق به فهذا عندي مما يستيقن فيه كذبه‏.‏

قلت أتضر به الحد حين قال ولدي وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر في قول مالك‏؟‏ قال لا أحفظه عن مالك ولا أرى عليه الحد‏.‏

قلت أرأيت لو أني بعت أمة لي فجاءت بولد عند المشتري ما بينها وبين أربع سنين فادعى البائع الولد أيجوز ذلك ويثبت نسب الولد وترد إليه الأمة أم ولد‏؟‏ قال نعم أرى ذلك له‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال سألت مالكا عن الرجل يبيع الجارية فتلد فيدعي الولد قال تجوز دعواه إلا أن يتهم‏.‏

قال سحنون وقال غيره من أصحاب مالك في الرجل يبيع الجارية وولدها وقد ولدت عنده أو ولدت عند المشتري إلى مثل ما تلد له النساء ولم يطأها المشتري ولا زوج أو باعها وبقي ولدها الذي ولدت عند البائع أو باع الولد وحبسها ثم ادعى البائع الجارية وولدها وهي عند المشتري أو ادعى الولد عند المشتري وأمه عنده أو ادعى الجارية عند المشتري والولد عنده بأنه ولده وقد أعتقها المشتري أو أعتقهما أو أعتقه أو كاتب أو دبر إن ذلك كله إذا ادعاه الأول المولود عنده منتزع من المشتري منتقض فيه البيع حتى يرجع إلى ربه البائع ولدا وأمه أم ولد ويرد الثمن على المشتري وإن كان معدما والجارية في يد المبتاع والولد أو الجارية بغير ولد وقد أحدث فيهما المشتري أو لم يحدث من العتق وغيره فقال بعض أصحابنا إذا لحق النسب رجعت إليه الجارية واتبع بالثمن دينا وقال آخرون ومالك يقوله يرجع الولد لأنه يلحق بالنسب وتبقى الأم في يد المبتاع لأنه يتهم أن تكون بردها متعة له وتستخدم ولا يغرم ثمنا والولد يرجع إلى حرية لا إلى رق بالذي يصير عليه من الثمن وإذا لم تكن الولادة عنده ولا عند المشتري من أمة باعها فولدت عند المشتري من حين اشتراها إلى ما لا تلحق فيه الأنساب فلا تنقض فيه صفقة مسلم أحدث فيهما المشتري شيئا أو لم يحدثه لأن النسب لا يلحق به أبدا إلا أن تكون أمة أمة كانت له وولدت عنده أو عند غيره ممن باعها منه ولم يحزه نسب أو كانت عنده زوجة بقدر ما تلحق به الأنساب ويشبه أن يكون الولد ولده من حين زالت عنه وإلا فلا يلحق به أبدا‏.‏

قال سحنون هذا أصله كله وهو جيد‏.‏